سواء كانوا يعيشون في الجبال أو الصحاري أو القرى أو المدن الصاخبة، جميعهم يكافحون من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية. يسعى ملايين اليمنيين جاهدين لإعالة أسرهم وسط أزمة اقتصادية متفاقمة والتخفيضات في التمويل الإنساني من شأنها تهديد استمرار المساعدات الإنسانية الحيوية.
في ظل الوضع الذي يحتاج فيه أكثر من 18 مليون شخص في اليمن – قرابة نصف السكان – إلى مساعدات إنسانية وافتقار حوالي 17.6 مليون يمني إلى إمكانية الوصول المنتظم إلى طعام كاف، إلا أن التخفيضات الكبيرة في التمويل أدت إلى توقف المساعدات الغذائية عن ملايين اليمنيين.
طوال تسع سنوات من الصراع والنزوح، اعتمد اليمنيون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء وعلى الرغم من الاحتياج الكبير، تمكن عدد كبير من اليمنيين من الحصول على نوع من المساعدة.
اليوم يتساءل اليمنيون هل تم التخلي عنهم؟ يخبرنا النازحون أنهم لم يشهدوا أبدًا تخفيضات في المساعدات بهذا الحجم.
وعلى أرض الواقع، يشهد المجلس النرويجي للاجئين بالفعل تأثير هذا التخفيض حيث وجدنا في دراسة حديثة أن 90 في المائة من الأسر في أجزاء من محافظات الحديدة وعمران وحجة ومحافظة صنعاء لم تتلق أي مساعدات خلال ثلاثة أشهر. وفي هذه المجتمعات، كان 80% من الناس يفتقرون إلى ما يكفي من المياه النظيفة، مما أدى إلى تفاقم مخاطر سوء التغذية والأمراض مثل الكوليرا. [1]
وفي المجتمعات المحلية في محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وتعز ومأرب، وجدنا أن 80 في المائة من الأسر لم تتناول ما يكفي من الطعام لتلبية احتياجاتها اليومية. ومن أجل البقاء، كانت 40% من الأسر تستخدم استراتيجيات التكيف السلبية مثل عدم تناول وجبات كافية. [2]
زار فريق من المجلس النرويجي للاجئين عدة محافظات في أنحاء البلاد في أبريل 2024 وتحدث مع المجتمعات التي لم تعد تتلقى أي مساعدات. هذا الواقع القاسي يجبرهم على اتخاذ خيارات صعبة.
سواء كانوا يعيشون في الجبال أو الصحاري أو القرى أو المدن الصاخبة، جميعهم يكافحون من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية. يسعى ملايين اليمنيين جاهدين لإعالة أسرهم وسط أزمة اقتصادية متفاقمة والتخفيضات في التمويل الإنساني من شأنها تهديد استمرار المساعدات الإنسانية الحيوية.
في ظل الوضع الذي يحتاج فيه أكثر من 18 مليون شخص في اليمن – قرابة نصف السكان – إلى مساعدات إنسانية وافتقار حوالي 17.6 مليون يمني إلى إمكانية الوصول المنتظم إلى طعام كاف، إلا أن التخفيضات الكبيرة في التمويل أدت إلى توقف المساعدات الغذائية عن ملايين اليمنيين.
طوال تسع سنوات من الصراع والنزوح، اعتمد اليمنيون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء وعلى الرغم من الاحتياج الكبير، تمكن عدد كبير من اليمنيين من الحصول على نوع من المساعدة.
اليوم يتساءل اليمنيون هل تم التخلي عنهم؟ يخبرنا النازحون أنهم لم يشهدوا أبدًا تخفيضات في المساعدات بهذا الحجم.
وعلى أرض الواقع، يشهد المجلس النرويجي للاجئين بالفعل تأثير هذا التخفيض حيث وجدنا في دراسة حديثة أن 90 في المائة من الأسر في أجزاء من محافظات الحديدة وعمران وحجة ومحافظة صنعاء لم تتلق أي مساعدات خلال ثلاثة أشهر. وفي هذه المجتمعات، كان 80% من الناس يفتقرون إلى ما يكفي من المياه النظيفة، مما أدى إلى تفاقم مخاطر سوء التغذية والأمراض مثل الكوليرا. [1]
وفي المجتمعات المحلية في محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وتعز ومأرب، وجدنا أن 80 في المائة من الأسر لم تتناول ما يكفي من الطعام لتلبية احتياجاتها اليومية. ومن أجل البقاء، كانت 40% من الأسر تستخدم استراتيجيات التكيف السلبية مثل عدم تناول وجبات كافية. [2]
زار فريق من المجلس النرويجي للاجئين عدة محافظات في أنحاء البلاد في أبريل 2024 وتحدث مع المجتمعات التي لم تعد تتلقى أي مساعدات. هذا الواقع القاسي يجبرهم على اتخاذ خيارات صعبة.
"نأمل أن نعود يوما ما ولكن حتى ذلك الحين، نحن بحاجة ماسة إلى الغذاء. وضعنا يزداد سوءاً كل يوم."
غذاء الأطفال هو الأولوية
تعيش حوالي 175 أسرة نازحة، بما في ذلك عائلة عبد الله عبده، في مخيم مؤقت في مديرية عبس محافظة حجة ويعتمد معظمهم على المساعدات الإنسانية والمساعدة العرضية من بعض الأفراد والتي تساعدهم من أجل البقاء على قيد الحياة.
عبد الله في الخمسينيات من عمره وهو المعيل الوحيد لأفراد عائلته البالغ عددهم 12 فردًا. يتوق للعودة إلى العمل في المزارع لكن مخاوف تتعلق بالسلامة تمنعه من القيام بذلك.
"كنا نعتمد على السلة الغذائية التي نحصل عليها من برنامج الغذاء العالمي"، يقول عبدالله "لكن أصبحت الأمور صعبة حقًا منذ توقف البرنامج عن التسليم قبل قرابة خمسة أشهر."
ويؤكد أن "الغذاء هو حاجتنا الأساسية وطالما لدينا ما يكفي من الطعام، يمكننا أن نتدبر أمرنا دون الحصول على خدمات أساسية أخرى. ولسوء الحظ، لم يعد بإمكاننا في هذه الأيام توفير ثلاث وجبات في اليوم. ونحن نعطي الأولوية للأطفال الذين لديهم طعام محدود لدينا".
بسبب تخفيضات التمويل، لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من تقديم المساعدات الغذائية إلى 9.5 مليون شخص لعدة أشهر. و مع زيادة الاحتياج في اليمن، من الضروري استئناف البرامج الغذائية على الفور.
ويؤكد عبد الله أن عائلته لم تتلق أي شكل آخر من أشكال المساعدات الإنسانية منذ انتهاء المساعدات الغذائية.
ويعبر عن شوقه للعودة إلى الوطن قائلاً: "نأمل أن نعود يوماً ما" ولكن حتى ذلك الحين، نحن في حاجة ماسة إلى الغذاء. وضعنا يزداد سوءاً كل يوم".
"قد مات الأطفال بسبب نقص الرعاية الصحية المناسبة. المستشفيات لا تقدم العلاج المجاني."
لا يوجد مكان مناسب للولادة
تعرب الأسر النازحة التي تعيش في مخيم عتيرة بمحافظة لحج عن قلقها العميق إزاء انخفاض المساعدات الإنسانية. وفي حين أنهم يعترفون بأن ملاجئهم أفضل نسبياً مقارنة بالمخيمات الأخرى، إلا أن الوصول إلى الرعاية الصحية المناسبة لا يزال يشكل مصدر قلق كبير.
"يفتقر المخيم إلى مرافق الرعاية الصحية المناسبة"، كما تقول إحدى النساء الحوامل: "بدون المال، لا جدوى من زيارة أقرب مستشفى فلن يعالجوني، الرعاية الصحية هي أعظم احتياجاتنا. يمكننا أن نتدبر أمرنا بالخبز والشاي والماء، ولكن بدون رعاية طبية، تصبح حياتنا في خطر."
وأخبرتنا العائلات النازحة في المخيم أنهم كانوا يحصلون على الرعاية الصحية مجاناً، لكن هذه الخدمة توقفت في نهاية العام الماضي.
وتتشارك سعاد، وهي امرأة نازحة في محافظة عمران، مخاوف مماثلة. وتقول: "لقد مات الأطفال بسبب نقص الرعاية الصحية المناسبة. المستشفيات لا تقدم العلاج المجاني."
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يحتاج ما يقرب من 18 مليون شخص في اليمن إلى المساعدة الطبية. نصفهم من الأطفال.
" أنا أعطي الأولوية للطعام على التعليم "
التسول بديلاً عن الدراسة
تعيش سعاد الأبيض في أحد الأحياء الفقيرة في مدينة عمران، على بعد حوالي 50 كيلومتراً من العاصمة صنعاء. يعد هذا المجتمع المؤقت موطنًا للعائلات النازحة التي فرت من الصراع من مختلف المحافظات في اليمن.
لقد تم نسيان الأشخاص الذين يعيشون هنا. وواجهت فرق المجلس النرويجي للاجئين التي وصلت إلى المنطقة عائلات نازحة لم تتلق أي مساعدات إنسانية منذ عامين.
تواجه سعاد، المعيلة الوحيدة لأطفالها الأربعة، خيارًا مفجعًا. وبدون وظيفة منتظمة، تقوم بجمع وبيع العلب البلاستيكية الفارغة مقابل دخل ضئيل.
وتشرح سعاد قائلة: "دخلي لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية. كنت أتلقى مساعدات نقدية وأشكال أخرى من المساعدات، لكن ذلك توقف منذ قرابة عام ونصف".
ويبدو أن تأمين التعليم لأطفالها حلم بعيد المنال. وتقول بقلب مثقل: "أنا أعطي الأولوية للطعام على التعليم. اثنان من أطفالي مصابان بالصمم ولا يستطيعان الذهاب إلى المدرسة بانتظام. ويلجأ الاثنان الآخران إلى التسول في الأسواق لمساعدة الأسرة في الحصول على الغذاء. كيف سنعيش بدون المساعدات الإنسانية؟"
إن المساعدات التي تدعم الحلول طويلة المدى مثل سبل العيش من شأنها أن تغير الوضع بالنسبة للعائلات هنا. تأمل سعاد أن تصبح خياطًا. وتقول: "إذا حصلت على دعم لتعلم الخياطة وبدء مشروع تجاري صغير، سأتمكن من تحمل تكاليف التعليم لأطفالي".
أجبرت الأزمة الاقتصادية الأسر على الاختيار بين الغذاء والتعليم لأطفالها، فهو يؤدي إلى زيادة معدلات التسرب من المدارس، والزواج المبكر وعمالة الأطفال، ويؤدي إلى تفاقم المخاطر ونقاط الضعف المتعلقة بالحماية. في اليمن، هناك أكثر من 4.5 مليون طفل يمني في سن الدراسة خارج المدرسة حاليًا.
وجدنا أن 38% من الأسر التي التقينا بها في محافظات الحديدة وعمران وحجة ومدينة صنعاء لم ترسل أطفالها إلى المدرسة. وعندما طُلب منهم ذكر الأسباب، قال ثلثا العائلات إن ذلك يرجع إلى نقص الموارد المالية. وفي جميع أنحاء هذه المحافظات، أفادت نصف الأسر التي شملتها الدراسة أن أطفالها كانوا منخرطين في شكل من أشكال العمل.
"نواجه كل يوم صراع من أجل البقاء"
النضال من أجل الخدمات الأساسية
محمد، وهو الآن في الخمسينيات من عمره، عاش حياة مثالية ذات يوم. [3] بعد العمل في المملكة العربية السعودية لأكثر من عشر سنوات، عاد إلى موطنه في محافظة تعز لمتابعة شغفه بالزراعة. ازدهرت أرضه بأشجار المانجو وحقول الذرة والخضروات، مما وفر له دخلاً مريحًا وشعورًا بالإنجاز.
يتذكر قائلا: "لقد أتاحت لي الزراعة أن أكون قريبا من عائلتي وأدر دخلا جيدا. لكن تلك الحياة السلمية تحطمت في عام 2021."
عندما وصل النزاع إلى قريته، أعطى محمد الأولوية لسلامة عائلته حيث هرب مع عائلته، تاركاً وراءه منزله المثالي ليواجه الواقع القاسي لمخيم النزوح. وهنا، يوفر ملجأهم المؤقت، المبني من أغطية بلاستيكية وأعمدة خشبية، القليل من الحماية من العوامل الجوية.
يقول محمد: "في قريتي، كنت أعيش حياة آمنة. كنت أقوم بتخزين مدخراتي بأمان في المنزل. والآن، نكافح من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء. كل يوم هو بمثابة معركة من أجل البقاء".
ذكرى واحدة مرعبة ترسم صورة حية لنضالهم. يقول: "في أحد الأيام، بينما كنت أبحث عن النقود المنسية في ملابسي، صادفت ثعبانًا. إنها كناية عن بؤسنا الحالي".
في البداية، تلقى محمد وآخرون بعض المساعدات الإنسانية عند وصولهم إلى المخيم. ومع ذلك، فقد تضاءلت هذه الموارد بشكل كبير.
يقول محمد بيأس متزايد: "آخر مرة تلقينا فيها سلالاً غذائية كانت العام الماضي. هذا العام، اختفت المساعدات تماماً ووضعنا يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. وإذا لم يتحسن، فقد نضطر إلى العودة إلى قريتنا، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة المخاطر مرة أخرى".
هناك 4.5 مليون نازح في اليمن. وقد أُجبر العديد منهم على الانتقال عدة مرات على مدى عدة سنوات. يمكن أن تكون العودة إلى ديارهم خطيرة، ويخاطر العائدون بأنفسهم ويتعرضون لخطر الصراع ليسكنوا منازل وقرى مدمرة.
"نحن هنا منذ عامين، ونعيش في هذا الوحل. ولم يقدم أحد حلا."
الأمطار تزيد الأمر سوءاً
حوّل موسم الأمطار مخيم التحسين في محافظة عمران إلى مستنقع طيني غارق حيث أصبحت تخوض العائلات النازحة في الوحل لمجرد الدخول والخروج من ملاجئها المؤقتة. تشكل برك المياه الراكدة أمام منازلهم أرضاً خصبة للأمراض.
ولا توفر الملاجئ المؤقتة في المخيم أي حماية من المطر حيث تتسرب المياه إلى الخيام. أخبرتنا العائلات أنهم كانوا ينامون على الأرض المبللة بعد أن غمرت المياه ممتلكاتهم. وقد دفع الوضع المزري علي، وهو أحد السكان النازحين، إلى التعبير عن إحباطه.
ويقول بغضب: "عمال الإغاثة يأتون ويذهبون، ويوثقون معاناتنا ولكن أين المساعدة؟ نحن هنا منذ عامين، ونعيش في هذا الوحل. ولم يقدم أحد حلاً".
يتذكر علي أن عمال الإغاثة الإنسانية كانوا يستجيبون لمعاناتهم ذات يوم. ويتابع بمرارة: "لكن على مدى العامين الماضيين، لم تجد مناشداتنا أي إستجابة".
ويقول: "عندما يهطل المطر، لا يمكن البقاء في الداخل حيث نضطر جميعاً إلى الخروج، في محاولة يائسة لإنقاذ المخيم قبل أن تجرفنا مياه الفيضانات".
ويعيش الناس في ملاجئ غير مناسبة بالكاد يمكنها تحمل الطقس القاسي. في المجتمعات التي تحدثنا إليها في جميع أنحاء اليمن، وجد المجلس النرويجي للاجئين أن 93 بالمائة من الأشخاص الذين يعيشون في النزوح لا يستطيعون تحمل تكاليف الضروريات الأساسية مثل البطانيات والمراتب وأدوات المطبخ.[4]
تعتبر الفجوة الحالية بين التمويل المطلوب والدعم المخصص لليمن أكبر من أي وقت مضى. في العام الماضي، حصلت خطة الاستجابة الإنسانية لليمن على تمويل أقل من 40%، وهو أدنى مستوى منذ بدء النزاع. ولسوء الحظ، يبدو وضع التمويل لعام 2024 أسوأ، حيث تم تمويل الخطة الحالية بنسبة 15% فقط.
وبدون تمويل فوري وإجراءات سريعة لتجنب أسوأ سيناريوهات الجوع، سيظل الملايين من اليمنيين مهجورين وسيضطر الأفراد اليائسون إلى اتخاذ خيارات صعبة من أجل البقاء.
ويحث المجلس النرويجي للاجئين المجتمع الدولي على:
· تكثيف الجهود وتقديم المزيد من التمويل على الفور بما يعكس مستوى الاحتياجات في اليمن
· استئناف برامج المساعدات الغذائية في جميع أنحاء اليمن على الفور لتجنب تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية
· زيادة الدعم المستهدف بشكل عاجل لبرامج الأمن الغذائي والتغذية والمياه لتجنب وقوع الكارثة
وسيساعد هذا الدعم الحيوي في تخفيف المعاناة الحالية وتمهيد الطريق للتعافي.
[1] تقرير تقييم الاحتياجات المتعددة القطاعات للمجلس النرويجي للاجئين للعام 2024: محافظات الحديدة وعمران وحجة ومدينة صنعاء، يناير 2024.
[2]تقرير تقييم الاحتياجات المتعددة القطاعات للمجلس النرويجي للاجئين في محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وتعز ومأرب، ديسمبر 2023.
[3] تم تغيير بعض الأسماء لاحترام الخصوصية.
[4] هذا هو متوسط تقارير تقييم الاحتياجات المتعددة القطاعات التي تم إجراؤها في محافظات الحديدة وعمران وحجة ومدينة صنعاء في يناير 2024 وعدن وأبين والضالع ولحج وتعز ومأرب في ديسمبر 2023.