تسبّبت الوحشية الشديدة للحرب في السودان بنزوح تسعة ملايين شخص داخل بلادهم، مما يجعل من هذه الأزمة واحدة من أكبر أزمات النزوح المتمخضة عن الحروب في العالم، بحيث تتجاوز حتى أزمات أوكرانيا وسوريا. وقد أُجبر العديد من الناس داخل السودان على الفرار من العنف أكثر من مرة. وفرّ مليون وسبعمائة ألف مليون شخص آخرين من السودان إلى البلدان المجاورة. في المجمل، أُجبر عشرة ملايين وسبعمائة ألف شخص على الفرار من الصراع الوحشي في البلاد، دون أن يتمكن هؤلاء من العثور على الأمان.
استقبلت تشاد العدد الأكبر من الأشخاص الفارين من السودان، هرباً من الهجمات ذات الدوافع العرقية في جميع أنحاء منطقة دارفور الغربية. وقد فرض حجم الوافدين ضغطاً لا يمكن تحمّله على واحدة من أفقر بلدان العالم. ويجد اللاجئون في تشاد أنفسهم الآن مفتقرين حتى إلى الدعم الأساسي الضروري للبقاء على قيد الحياة. إن الأمر يتطلب مساعدات فورية ومتزايدة لتشاد ولأزمة السودان على نطاق أوسع، كما يدعو الأمر إلى تحلي زعماء العالم بمزيد من الشجاعة السياسية ا لوضع حد لهذا العنف الأحمق.
وقال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، والذي يزور المخيمات ومستوطنة "أدري" غير الرسمية في شرق تشاد هذا الأسبوع: "هنا في تشاد، سمعت شهادات مروعة عن أعمال عنف وفظائع متعمّدة كانت قد ارتُكبت. كانت الأسر التي فرّت من دارفور المجاورة شاهدة على عمليات إعدام واغتصاب وقصف عشوائي وحرق للمخيمات ومجازر، فقط بسبب انتمائها العرقي. وعلى الرغم من ذلك، تم التخلي التام عن العديد من الناجين، حيث يجبرون على العيش في خيام مؤقتة في ظروف يائسة وغير كريمة يفتقرون فيها حتى إلى المساعدة الأساسية. كيف تم نسيان هؤلاء الناجين إلى هذا الحد؟"
بعد مرور عشرة أشهر على الأزمة، أصبحت البنية التحتية في تشاد منهكة نتيجة تدفق اللاجئين المستمر إلى البلاد. ليس أمام الوافدين الجدد خيار سوى إنشاء سريع للملاجئ في المخيمات غير الرسمية والأمل في الحصول على سكن أفضل في وقت لاحق. يفتقر آلاف اللاجئين إلى الغذاء الكافي ومياه الشرب المأمونة، ويفتقر الناس حتى إلى الحاويات البلاستيكية لحمل أي كميات متاحة من المياه. وتحذر وكالات الإغاثة من أن نقص الدعم يمهد الطريق لكارثة إنسانية.
وعلى الرغم من التاريخ المليء بحالات الفرار من العنف في دارفور والعبور إلى تشاد، إلا أن حجم ومعدل النزوح الحالي لم يسبق له مثيل. وقد فرض حجم الوافدين ضغطاً لا يطاق على واحدة من أفقر بلدان العالم. لقد هرب عدد أكبر من الأشخاص إلى تشاد من السودان خلال الأشهر العشرة الأخيرة مقارنة بالأعداد التي فرّت خلال حرب دارفور في عام 2003. وفي "أدري"، المدينة الأقرب إلى حدود دارفور، يعيش 150 ألف لاجئ في مخيم غير رسمي قد بنوه بأنفسهم. ويفوق عدد اللاجئين الآن عدد السكان المحليين في أدري بنسبة تفوق اثنين إلى واحد.
وأضاف إيغلاند "لقد كنت هنا قبل عشرين عاماً، خلال فترة أخرى من العنف المروع في مختلف أنحاء دارفور، عندما كان جورج بوش وطوني بلير وغيرهما من زعماء العالم والمشاهير يتحدثون عن الأزمة. وبالرغم من أنه لدينا ثلاثة أضعاف عدد اللاجئين الذين فروا إلى تشاد في عامي 2003 و2004، اختفى الغضب والتضامن الدوليان هذه المرة. ولم يكن لأي من مبادرات السلام أو خطط الإغاثة أي تأثير حقيقي على المعاناة داخل السودان أو في مخيمات اللاجئين المجاورة. تفاقمت الاحتياجات هنا في تشاد إلى أبعد الحدود، ولكن انتباه العالم هذه المرة انصرف إلى مكان آخر. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو."
"إن العدد الهائل من اللاجئين هنا في تشاد، وشهاداتهم المروعة، تحكي قصة معاناة إنسانية وعنف بالكاد يمكن تصوره. ومع ذلك فإن أولئك الذين نستمع إليهم وندعمهم في تشاد لا يمثلون سوى قمة جبل الجليد. تستعر الحرب في السودان، وتعد الأزمة الآن أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث اضطر أكثر من 10 ملايين شخص إلى الفرار داخل السودان وخارجه. لقد حطمت الحرب منطقة بأكملها في قلب القارة الإفريقية. يجب أن تكون هناك استجابة دولية دبلوماسية وإنسانية أكثر فعالية”.
لمزيد من المعلومات أو لترتيب مقابلة، يرجى الاتصال بـ:
الخط الساخن لوسائل الإعلام العالمية للمجلس النرويجي للاجئين: media@nrc.no 004790562329
كارل شمبري، المستشار الإعلامي الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين الموجود حاليًا في تشاد 0023569865713
أحمد بيرم، المستشار الإعلامي الإقليمي في الشرق الأوسط، في عمّان: ahmed.bayram@nrc.no 00962790160147