لقد أدّى النّزاع في جنوب لبنان الى تفاقم الأزمة المتعدّدة الجوانب والتي أدّت الى انقطاع التّعليم للأطفال واليافعين واليافعات من النّازحين داخلياً في البلاد.
في ظلّ النّزاعات والنّزوح، يعتبر التعلّم خطّ حياة أساسيّ، يوفّر للأطفال مساحة آمنة للتعلّم والنمو، كما ويؤمّن للعائلات معلومات أساسية ومنقذة للحياة في ما يتعلق بالسّلامة، الصّحة النّفسية وحماية الأطفال. بالنّسبة للبنان، إنّ المحافظة على التّعليم هو أمر بالغ الأهمية لضمان تعافي البلاد.
"إنّي مشتاق لمدرستي وأصدقائي كثيرًا. وكأنّ جزءًا منّي ينتظر العودة. عندما كنت في المدرسة، كنت أشعر بالأمان – وكأنّني كنت في مكان لا يمكن أن يصيبني فيه أيّ مكروه. بالنسبة اليّ، كانت المدرسة أكثر من مجرّد كتب وتعلّم؛ هي المكان الّتي شعرت فيه بالأمان، مكان أنتمي اليه. أريد فقط العودة إلى المدرسة، الجلوس على مقعدي، والشّعور بالأمان من جديد، محاطاً بأصدقائي،" يقول عامر، وهو طفل نازح من قريته في الجنوب ويبلغ من العمر 13 عاماً.
في السّنوات الخمس الماضية، عانى النّظام التعليمي في لبنان لتلبية الاحتياجات المختلفة للأطفال والعائلات . ولقد أدّت الأزمات المتعدّدة الجوانب والطّويلة الأمد الى عرقلة إمكانيّة الوصول الى تعليم عالي الجودة، شامل وذات بيئة حاضنة، ممّا أدى الى عجز كبير في التعلّم وخاصّة في المرحلة الابتدائية. إنّ التّعليم لا يضمن حقّ جميع الأطفال في سنّ الدّراسة بالتعلّم فحسب، بل إنّه يساهم في حماية الأطفال، خاصّة المتضرّرين من النّزاعات والنّزوح، من خلال تأمين حسّ بالرّوتين ويوفّر مساحة للتعبير، دعم الأقران والأمل.
فيما يتواصل النّزاع على الحدود الجنوبية للبلاد للشّهر العاشر على التّوالي، يرتفع عدد الأشخاص النازحين داخلياً ليصل إلى أكثر من 98,000، بمن فيهم حوالي 34,000 طفل أجبروا على ترك منازلهم، مدارسهم ومجتمعاتهم بحثاً عن الأمان. حتى هذا اليوم، تسبّب النزاع بإقفال حوالي 72 مدرسة، بما في ذلك 34 مدرسة رسميّة توفّر الدّوام الصّباحي، 8 مدارس رسميّة توفّر الدّوام المسائي لللاجئين السّوريين، 8 معاهد للتّعليم التقنيّ والمهنيّ، وحوالي 22 مدرسة خاصّة، مما يؤثّر على 20,000 طفل.
فيما قامت وزارة التّعليم والتّعليم العالي بوضع تدابير لضمان استمرار التّعليم ودراسة الأطفال واليافعين واليافعات المتضرّرين من النّزاع في جنوب لبنان، من خلال تأمين الدّروس عن بعد وتحديد مدارس للطّوارئ، إلا أنه تمّ انقطاع التّعليم للأطفال في جنوب لبنان للسّنة الخامسة، ممّا يزيد من خطر التّسرّب المدرسي.
تزيد الأزمات من العوائق الموجودة أساساً أمام تعليم الأطفال – بما في ذلك العوائق المالية، عمالة الأطفال، عدم إعطاء الأولوية للتّعليم على مستوى العائلة، خوف مقدّمي الرّعاية من إرسال أطفالهم إلى المدرسة، والنزوح المتكرّر أو المتعدّد. يواجه الأطفال المنخرطين في التّعليم عن بعد عوائق ملحوظة، مثل المشاكل التّقنية، ثغرات في المعرفة الرّقمية ومخاوف متعلّقة بسلامة وأمان المعلومات. العوائق الإضافية تشمل الشّعور بالعزلة، تزايد في المخاوف المتعلّقة بالصّحة النفسيّة والرّفاه، ومشاكل في وصول التّلاميذ ذوي الإعاقة إلى التعليم. إنّ التزام الأهل ومقدّمي الرّعاية ضروري لضمان استمرار الأطفال في التعلّم بالرّغم من هذه التحديات.
في ظل النزاعات، من الضروري تنفيذ تدخلات شاملة تعالج التحديات المتزايدة المتعلّقة بالتّوتر، الصّحة النّفسيّة والعنف، وكذلك العلاقة الموجودة بين توفير حقوق الأطفال في التعلّم وضمان الحفاظ على رفاههم وسلامتهم خلال الأزمات.
إننا نحثّ كافّة أصحاب المصلحة على إعطاء الأولوية للتّعليم خلال هذه الأوقات الحسّاسة. يتوجّب على الحكومة اللّبنانية ووزارة التّعليم والتّعليم العالي ضمان إبقاء المدارس مفتوحة والحرص على أن يبقى استخدامها كمأوى بمثابة تدبير يلجأ اليه كملاذ أخير. هناك حاجة ملحّة لدعم القدرات في مجال التّعليم في حالات الطوارئ وحماية الأطفال في حالات الطّوارئ بين الشركاء في القطاع، خاصة الملتزمين منهم في جهود الاستجابة في الجنوب. ندعو الجهات المموّلة في مجال التعليم الى تخصيص التمويل الكافي لمعالجة الاحتياجات المتزايدة في الجنوب وتفادي خسائر تعليميّة أكبر.
لجنة الإنقاذ الدولية
المجلس النرويجي للاجئين
منظمة بلان انترناشيونال
جمعية إنقاذ الأطفال
الإغاثة الإسلامية فرنسا
اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية
منظمة War Child (أطفال الحرب)
مؤسسة الر ؤية العالمية (World Vision)