بعد مرور أحد عشر عامًا على الانتفاضة الليبية، تُهدد الأزمة السياسية المتفاقمة الآن التقدم المحرز من العام الماضي لمساعدة المجتمعات المحلية على إعادة البناء. عشرات الآلاف من الليبيين يُخاطرون بفُقدان الحصول على السكن والخدمات الملائمة. المجلس النرويجي للاجئين يُحذّر.
أدى الشلل السياسي على مدى الأشهر العديدة الماضية، والذي منع البلاد من الموافقة على ميزانية وطنية، إلى حرمان البلديات المحلية من الأموال التي تحتاج إليها لإعادة بناء الأحياء المتضررة من النزاع وتوسيع نطاق الخدمات لمجتمعاتها.
تم إحراز تقدم في إعادة الإعمار في المناطق الأكثر تضررًا من الجولة الأخيرة من القتال في جنوب طرابلس، ولكن قد ينحرف هذا التقدم نتيجة عدم الاستقرار. هنالك مناطق لا تزال مدمرة مثل وسط مدينة بنغازي المتوقف فيها القتال منذ أكثر من خمس سنوات.
كشف تقييم حديث أجراه المجلس النرويجي للاجئين في تاورغاء، وهي بلدة شهدت نزوح جميع سكانها البالغ عددهم 40 ألف نسمة تقريبًا في عام 2011، أن 65٪ من السكان الذين تمكنوا من العودة لا يزالون يعيشون في منازل تضررت بشدة أو دُمّرت. حيث لا يملك الكثير من الليبيين الذين نزحوا بسبب موجات الصراع المتعددة الأموال اللازمة لإعادة بناء منازلهم. وقد أظهرت استطلاعات إضافية أجرتها وكالات إنسانية أن واحدًا من كل عشرة ليبيين في المناطق المتضررة من النزاع كان يعيش في مأوى متضرر أو مدمر.
لدى المجلس النرويجي للاجئين برامج إيواء في مناطق مختلفة مثل جنوب طرابلس وتاورغاء وبنغازي. حيث يعمل المجلس بشكل وثيق مع البلديات المحلية. وكان المجلس قد ساعد في بناء البنية التحتية المجتمعية في مناطق مثل أبوسليم في طرابلس من خلال تأهيل العيادات الطبية. بالإضافة إلى المساعدة في إعادة بناء 293 منزلًا في جميع أنحاء ليبيا في العام الماضي وحده.
"إن طاقة المواطنين في إعادة بناء بلدهم والتزامهم بذلك موجودة، ولكن الطاقة هذه غارقة بسبب استمرار عدم الاستقرار. يجب على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لضمان عدم التراجع عن المكاسب التي تحققت العام الماضي بسبب الأزمة السياسية الراهنة". قال داكس روك، مدير المجلس النرويجي للاجئين في ليبيا.
"سئمنا أنا وعائلتي النزوح في كل حرب، ووضعنا المالي والنفسي لا يسمح بالمزيد. أتجنب مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار حتى لا أفكر في الماضي. ما أريده هو أن أستقر في منزلي مع أحفادي كما في الأيام السابقة"، يقول رجل مسن يتلقى الدعم من قبل فريق المأوى التابع للمجلس النرويجي للاجئين في طرابلس.
في عام 2020، جلب وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه بدعم من الحكومات الدولية أملًا حقيقيًا في أن تنتهي أخيرًا سنوات من الصراع المتكرر في ليبيا، وأن يحصل الشعب الليبي في النهاية على الاستقرار للسماح له بإعادة البناء. وشهد البلد أيضًا تحسنًا في الحالة الإنسانية حيث انخفض عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة من 1.3 مليون شخص في عام 2021 إلى ما يزيد قليلًا عن 800,000 شخص في عام 2022. كما انخفض عدد النازحين الليبيين في العام الماضي.
يدعو المجلس النرويجي للاجئين المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده ومنع عكس إتجاه مسار التقدم المجدي الذي تم احرازه. ستضمن المساعدة الإنسانية الدولية وتوسيع نطاق الدعم التنموي وعدم التخلي عن الليبيين الضعفاء، وكذلك المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد. كما يجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يضع حماية الناس واحتياجاتهم في صميم عملية صنع القرار في المستقبل وأي حلول سياسية.
"لقد عمل الناس بجد للبدء في إعادة بناء المجتمعات المحلية بأنفسهم. ونحن نعمل كل يوم مع هذه المجتمعات التي دمرتها أحداث العقد الماضي تمامًا ونساعدها على اجتياز عملية الإنعاش. إن عودة الصراع من جديد من شأنها أن تُعيدنا إلى نقطة الصفر. نحن بحاجة إلى أن تجتمع جميع الأطراف معًا وأن تَمنع المزيد من عدم الاستقرار للشعب الليبي"، يقول روك.