"لم يكن الوضع هكذا من قبل، كان هناك الكثير من التحدّيات سابقًا، لكنّ الدخل كان يكفينا، الآن، حتّى مع وجود عمل، فنحن لا نزال في أمسّ الحاجة".
حال عائلة نادين يعكس حال كثير من العائلات اللبنانيّة الّتي نهشت الأزمة الاقتصاديّة وآثارها وقتها وتفكيرها، فحسب آخر دراسة أجريت في لبنان، فإنّ أعداد العائلات الّتي تحتاج إلى مساعدة إنسانيّة تفاقمت لتصل إلى 3.9 مليونًا، ويتضمّن ذلك اللاجئين بالإضافة إلى 2.1 مليون لبنانيّ.
المنزل هو كلّ شيء
"لا يمكنني مغادرة المنزل كثيرًا، فهو بمثابة كلّ شيء بالنسبة لي، أعرف كلّ ركن من أركانه، لذلك تأقلمت هنا". تقول نادين.
أصبح المنزل وإيجاره يشغل تفكير نادين كثيرًا، فمع بدء الأزمة الاقتصاديّة، لم تكن نادين على علم بأنّ مبلغ الإيجار الّذي كانت تدفعه مسبقًا ولا تتأخّر فيه، سيصبح توفيره هو الشاغل الأكبر لعائلتها، وبسبب تضخّم العملة في لبنان، تضاعفت أسعار الإيجار بسرعة كبيرة، وحسب أرقام المجلس النرويجيّ للّاجئين، فقد تضاعف الإيجار الشهريّ من مليونا ليرة لبنانيّة إلى 13 مليون ليرة، في حين يتقاضى العامل غير المحترف ٥ ملايين ليرة لبنانيّة، ويشير ذلك إلى سبب عدم تمكّن الناس من تغطية احتياجاتها.
استفادت نادين من مساعدة المجلس النرويجيّ للّاجئين ضمن برنامج المأوى، من خلال تمويل الدعم الإنسانيّ في لبنان، والذي ساهم في تغطية إيجار منزلها لمدّة ستّة أشهر، كما ساعدتها تغطية الإيجار في تخفيف الضغوطات على العائلة، ومحاولة التركيز على مصاريف أخرى مثل الغذاء، والّذي أصبح من الصعب توفيره مع الأزمة الاقتصاديّة، إذ تعاني لبنان من أقسى حالات التضخّم فيما يخصّ الطعام.
"انتهى عقد الإيجار مع المنظّمة في مايو، ويريد المالك رفع الإيجار، وبالدولار الأمريكيّ فقط. إنّه يطلب الآن 250 دولارًا أمريكيًّا، بدلًا من 150 دولارًا أمريكيًّا كما كان سابقًا، وإذا لم نتمكّن من دفع هذا المبلغ، فسنضطرّ إلى المغادرة. سوف يمنحنا إشعارًا قبل شهرين للعثور على منزل جديد، لكن إلى أين نذهب؟".
تقول نادين إنّ المساعدة الّتي قدّمها المجلس النرويجيّ للّاجئين كانت جيّدة لمدّة ستّة أشهر، لكن بالنسبة لوضعها، فقد يكون ذلك غير كاف، لكنّها تعرف جيّدًا صعوبة الوضع بالنسبة للآخرين. "ستّة أشهر من تغطية الإيجار ليست كافية، لا يزال الكثير من الناس بحاجة إلى المساعدة، أنا محظوظة لأنّ لديّ سقفًا فوق رأسي، لكنّ البعض لا يملكون ذلك، وقد أكون يومًا ما مشرّدة في الشارع".
الحياة باهظة للغاية
ليست نادين فقط من تعاني مشاكل صحّيّة؛ فزوجها أيضًا يعاني أمراض قلب وضغط الدم، ويصعب توفير الأدوية له بسبب انقطاعها، وإن وُجدت، فتكون غالية الثمن. وتُضيف: "الصيدليّة لا نقترب منها".